بحث عن غار حراء

ارتبطت عدّة معالم وأماكن بالتاريخ الإسلامي منذ ولادة رسول الله الأعظم محمّد –صلّى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا، فهذه المعالم كان لها الأثر الكبير في التأثير بمسيرة الإسلام العظيمة كونها احتضنت أحداثاً مهمة وحساسة جداً كان لها الأثر الكبير على التاريخ الإسلامي كاملاً.

من أبرز المعالم التي ارتبطت بالأحداث الإسلامية العظيمة غار حراء، وهذا الغار هو الذي شهد مهبط الوحي للمرة الأولى على رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- حيث كان المكان الذي يلجأ إليه الرسول الكريم من أجل التفكّر في الكون وأحوال الدنيا، حاله كحال باقي الأنبياء الذي لجأوا إلى إعمال عقولهم وإلى التأمل قبل أن يفتح الله تعالى عليهم بفتحه الواسع الكريم.

في المرة الأولى الذي هبط الوحي فيها على سيدنا محمد، كان الوحي المتمثل برسول الله الملك جبريل –عليه السلام- بآيات قرآنية كريمة، قال تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم". كانت هذه الآيات الكريمة أوّل ما نزل من القرآن الكريم على قلب الرسول العظيم في غار حراء، لهذا فإنّ قدسية هذا المكان ليس كمثلها قدسية.

يقع غار حراء في الجهة الشرقيّة من مدينة مكة المكرمة، على الجهة اليسرى لمن يقصد جبل عرفة، ويقع غار حراء في قمة الجبل المعروف باسم جبل النور، أو باسم جبل الإسلام، إذ يقدّر ارتفاع هذا الغار بنحو ستمئة وأربعة وثلاثين متراً تقريباً، كما أنّه يبعد حوالي أربعة كيلو مترات تقريباً عن المسجد الحرام في مدينة مكة المكرمة.

غار حراء هو فجوة صغيرة جداً في الجبل المذكور مسبقاً، إذ يتجه باب هذه الفجوة نحو الجهة الشماليّة، ويبلغ طولها تقريباً حوالي أربعة أذرع، أما عرضها فيقدر بنحو الذراع وثلاثة أرباع الذراع تقريباً، ويمكن لحوالي خمسة أشخاص أن يجلسوا في داخل هذا الغار معاً في آن واحد، ومن هنا فإنّ احتمالية الجلوس في نفس الموضع الذي كان يجلس فيه رسول الله الكريم –صلى الله عليه وسلم- مرتفعة جداً بسبب صغر المكان وضيقه الشديد.

من يدخل إلى غار حراء يتجه مباشرة نحو الكعبة المشرفة في المسجد الحرام، أمّا من يقف على الجبل فبإمكانه أن يرى مكة المكرمة كاملة مع أبنيتها، ولهذا فقد كانت هذه الأسباب من الأسباب المهمّة التي دفعت بالرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- إلى اختيار هذا المكان دوناً عن باقي الأماكن للتأمل والتفكر وإعمال العقل.